{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ الحياة الدنيا} وهو ما يحسون به من زخارفها وملاذها وسائر أحوالها الموافقة لشهواتهم الملائمة لأهوائهم المستدعية لانهماكهم فيها وعكوفهم عليها.وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعلمون منافعها ومضارها ومتى يزرعون ومتى يحصدون وكيف يجمعون وكيف يبنون أي ونحو ذلك مما لا يكون لهم منه أثر في الآخرة، وروى نحوه عن قتادة. وعكرمة.وأخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم عن الحسن أنه قال في الآية: بلغ من حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنه وما يحسن يصلي، وقال الكرماني: كل ما يعلم بأوائل الروية فهو الظاهر وما يعلم بدليل العقل فهو الباطن وقيل: هو هنا التمتع بزخارفها والتنعم لاذها، وتعقب بأنهما ليسا مما علموه منها بل من أفعالهم المرتبة على علمهم، وعن ابن جبير أن الظاهر هو ما علموه من قبل الكهنة مما تسترقه الشياطين، وليس بشيء كما لا يخفى، وأيًا ما كان فالظاهر أن المراد بالظاهر مقابل الباطن، وتنوينه للتحقير والتخسيس أي يعلمون ظاهرًا حقيرًا خسيسًا، وقيل: هو عنى الزائل الذاهب كما في قول الهذلي:وعيرها الواشون أني أحبها *** وتلك شكاة ظاهر عنك عارهاأي يعلمون أمرًا زائلًا لا بقاء له ولا عاقبة من الحياة الدنيا {وَهُمْ عَنِ الاخرة} التي هي الغاية القصوى والمطلب الأسني {هُمْ غافلون} لا تخطر ببالهم فكيف يتفكرون فيها وفيما يؤدي إلى معرفتها من الدنيا وأحوالها، والجملة معطوفة على {يَعْلَمُونَ} وإيرادها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها، و{هُمْ} الثانية تكرير للأولى وتأكيد لفظي لها دافع للتجوز وعدم الشمول، والفصل عمول الخبر وإن كان خلاف الظاهر لكن حسنه وقوع الفصل في اللفظ والاعتناء بالآخرة أو هو مبتدأ و{غافلون} خبره والجملة خبر {هُمْ} الأولى، وجملة {يَعْلَمُونَ} إلخ بدل من جملة {لاَّ يَعْلَمُونَ} على ماذهب إليه صاحب الكشف فإن الجاهل الذي لا يعلم أن الله تعالى لا يخلف وعده أو لا يعلم شؤونه تعالى السابقة ولا يتفكر في ذلك هو الذي قصر نظره على ظاهر الحياة الدنيا، والمصحح للبدلية اتحاد ما صدقا عليه، والنكتة المرجحة له جعل علمهم والجهل سواء بحسب الظاهر، وجملة {وَهُمْ عَنِ الاخرة} إلخ مناد على تمكن غفلتهم عن الآخرة المحققة لمقتضى الجملة السابقة تقريرًا لجهالتهم وتشبيهًا لهم بالبهائم المقصور إدراكها على ظواهر الدنيا الخسيسة دون أحوالها التي هي من مبادىء العلم بأمور الآخرة. واختار العلامة الطيبي أن جملة {يَعْلَمُونَ} إلخ استئنافية لبيان موجب جهلهم بأن وعد الله تعالى حق وإن لله سبحانه الأمر من قبل ومن بعد وأنه جل شأنه ينصر المؤمنين على الكافرين ولعله الأظهر.